مفهوم التسويق
لقد وجد التسويق مع أولي المبادلات التجارية وكان تدريسه كذلك في الجامعات الأمريكية منذ بداية القرن العشرين
ولكن مجاله كان محصورا ولمدة طويلة في دراسة ما يتعلق بتوزيع وتصريف المنتجات وفقط
مع نمو عمليات الإنتاج وكبر حجم المؤسسات أصبح من الضروري أن يأخذ التسويق مكانته في الهيكل التنظيمي للمؤسسة كوظيفة هامة تتمحور حولها باقي الوظائف الأخرى
ويرجع سبب تأخر ظهور التسويق بالشكل الذي هو عليه اليوم إلى أن الحرفي المنتج من قبل كان على صلة مباشرة بزبونه
ما مكنه من أن يهيئ ويكيف ما ينتجه مع حاجات زنونه ورغباته غير أن الوضع لم يعد كذلك في عصرنا
سواء في المؤسسات الكبيرة أو في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي أصبح لها زبائن في مختلف أنحاء العالم
كذلك فإن رقي المستوى المعيشي للأفراد وكثرة الحاجات وتنوعها، واحتدام المنافسة وكذلك التطور التكنولوجي
كل ذلك قدم للمستهلك إمكانية الاختيار بين منتجات وخدمات أكثر تنوعا، لذلك ومن أجل مواجهة هذا التعقد المتنامي كان على المؤسسة استدعاء هذه التقنية الجديدة في التسيير الخاص بالتسويق
ورغم أن الكثيرين يحملون أفكارا معينة عن التسويق، إلا أن هذه الأفكار – كما أسلفنا – قد تختلف عن بعضها اختلافا يتباعد أو يتضاءل
فقد يفهمه البعض على أنه البيع والإعلان كما قال يفهمه البعض الآخر على أنه توفير السلع
حيث تكون متاحة للراغبين في اقتناءها هذه الأفكار وغيرها تمثل بعض أبعاد التسويق بالنهاية من مجرد البيع والإعلان
ذلك أن البيع يحدث فقط بعد عملية الإنتاج، في حين أن التسويق يهتم بما قبل الإنتاج
وذلك بالتعرف على حاجات العملاء وتقييم مدى وجود فرصة مريحة للمؤسسة
كما يستمر التسويق خلال وبعد فترة حياة المنتوج للبحث عن عملاء جدد والحفاظ على العملاء الحاليين
يعني ذلك أن البيع والإعلان ما هما إلا مجرد أجزاء من مزيج تسويقي أشمل والذي يتم استخدامه لتحقيق التأثير المرغوب في السوق المستهدف.
وانطلاقا من هذا المعني فقد قدمت عدة تعاريف للتسويق سنحاول أن نتعرض لأهمها مراعين في ذلك التسلسل الزمني لها
مفهوم التسويق حسب الجمعية الأمريكية للتسويق:
عملية تخطيط وتنفيذ من أجل إعداد وتسعير، وترويج، وتوزيع فكرة أو سلعة أو خدمة لغرض إتمام عملية تبادل تحقق أهداف المنظمة والأفراد
إن ميزة هذا التعريف هو أنه لم يقصر النشاط التسويقي على المنظمات الساعية التحقيق الربح فحسب
بل تعداه إلى المنظمات التي لا تهدف إلى مكسب مادي من وراء أداء أنشطتها
كذلك فإن هذا التعريف وسع مفهوم التسويق ليشمل الأفكار إضافة إلى السلع والخدمات
غير أن ما يؤخذ على تعريف الجمعية الأمريكية للتسويق هو إهماله للعلاقة المستمرة بين المسوق والمسوق إليه
حين جعل غاية التسويق تنحسر وتنتهي عند اتمام عملية التبادل بين المنظمة والفرد
إلى جانب هذا التعريف فإن الكثيرين اهتموا بعد ذلك بالدور الاجتماعي للتسويق خاصة مع ظهور حركات وجمعيات حماية المستهلك
تعريف ستاتون W. Stanton:
فحسب ستاتون فإن مفهوم التسويق هو” النشاط الذي يحكم التدفق الاقتصادي للسلع والخدمات إلى المستهلكين ۔ بما يحقق الأهداف الاقتصادية للمجتمع ”
تعريف جاك لومبان j.j. Lambin :
يرى جاك لوميان أن مفهوم التسويق على “أنه عملية ونشاط اجتماعي موجه لإشباع حاجات ورغبات الأفراد والمنظمات من خلال اعداد وتبادل خدمات ومنتجات ذات منفعة للمشترين”
إن هذين التعريفين السابقين على الرغم من أنهما يؤكدان الطابع الاقتصادي لدور التسويق من خلال ذكرهما لعملية التبادل وتدفق السلع والخدمات إلى المستهلك
فإنهما كذلك ينصان على الدور الاجتماعي للتسويق الذي يعمل على توجيه أنشطة المؤسسة لإشباع المجتمع ككل
وبمعنى آخر فإن مهمة المؤسسة في خدمة أسواقها ليس فقط عن طريق إنتاج ما يشيع الفرد
ولكن عن طريق إشباع الحاجات الفردية للمستهلك بما يوافق ويرعى مصلحة المجتمع
في الأجل الطويل، وذلك كوسيلة لتحقيق غايات المؤسسة في الربح والبقاء.
إن هذه العملية تحتاج إلى قدر كبير من الجهد المستمر، مما يتطلب إدارة فعالة من أجل تسيير هذه العلاقة الطويلة بين طرفين أحدهما يسعى لتحقيق ما يريد الطرف الآخر مبادلته معه.
مفهوم التسويق حسب فيليب كوتلر Philip Kotler
مفهوم التسويق هو: ” علم وفن اختيار الأسواق المستهدفة، وكسب الزبائن والحفاظ عليهم وتطوير العلاقة معهم من خلال التواصل وتسليمهم شيئا ذا قيمة بالنسبة لهم.
We see marketing as the art and science of applying core
choose target markets and get, marketing concepts to
keep, and grow customers through creating, delivering,
and communicating superior customer value
إنه يمكننا أن نستشف النقاط الأساسية التي وردت في هذا التعريف فيما يلي:
-
الأسواق المستهدفة:
إن مسؤول التسويق لا يستطيع إشباع رغبات جميع السوق، ذلك أن الناس مختلفون في حاجاتهم ورغباتهم
ولذلك فإن التسويق يهدف إلى اختيار ذلك الجزء من السوق والذي يستطيع تقديم القيمة المناسبة له بما يضمن الربح للطرفين (المنتج والمستهلك) ۔
-
القيمة:
إن المستهلكين يواجهون العديد من السلع والخدمات التي يمكن أن تحقق لهم إشباع احتياجاتهم
ولكن كيف يمكن لهم المفاضلة بين تلك العروض البديلة؟
إنهم يقومان باتخاذ قراراتهم الشرائية في ضوء إدراكهم للقيمة التي تقدمها لهم السلع والخدمات المختلفة.
وتعرف القيمة على أنحاء الفرق بين ما يحصل عليه العميل نتيجة امتلاكه أو استخدامه لسلعة ما
وبين التكلفة المصاحبة لشراء هذه السلعة لذلك فإن المؤسسات المتميزة تسعى دائما إلى تقديم منتجات ذات قيمة أعلى من منتجات المنافسين.
-
العلاقة:
إن علاقة المؤسسة بالمستهلك لا تنتهي فقط عند إتمام عملية البيع، ومن ثم فإنه ينظر لنشاط التسويق
على أنه جزء من تلك التفاعلات التي تحدث بين الشركة والمستهلك والتي تؤدي إلى وجود علاقة دائمة ومستمرة معه
وفي الحقيقة فإن مهمة التسويق هي توجيه تلك التفاعلات لبناء شبكة تسويقية مترابطة ومتميزة تتكون من المنظمة والأطراف ذات المصلحة
مثل العملاء، والعاملين بالمؤسسة والموردين والموزعين والذين يمكنها إقامة علاقات مريحة معهم
ومن أجل بناء تلك الشبكة فإن المسار التسويقي يندرج في مرحلتين أساسيتين تتكاملان وترابطان:
مرحلة الدراسة والتعرف، ومرحلة العمل والتنفيذ
إن نقطة بداية هذا المسار تبدأ من دراسة السوق نفسه، بغية تحديد الحاجات المعلنة والرغبات الكامنة للمستهلكين على اختلافها
ولتسهيل عملية التكيف مع تنوعها فإن المؤسسة تقوم بتجزئة هذه السوق لاختيار أهداف وقطاعات مناسبة
تعمل بعد ذلك على تهيئة المزيج التسويقي (المنتوج، السعر، التوزيع، الاتصال) الملائم لكل قطاع مستهدف.
وبعد إعداد وتنفيذ وتفعيل هذه العملية خلال تقديم العرض المناسب للمستهلك فإنه من الضروري القيام بإجراءات المراقبة
وتقييم نتائج الأخطاء – إن وجدت – في مختلف مسار التسويق، وبدون توقف
فإن المؤسسة تعاود دراسة السوق من أجل متابعة التغيرات الطارئة على بيئتها بما يمكنها من اكتشاف حاجات ورغبات جديدة
تسمح لها بطرح منتجات أخرى تضاف إلى المنتجات الحالية أو تستبدلها.
بالطبع فإنه يمكننا أن نعرف المسار التسويقي بطريقة أخرى حيث تميز فيها بين مرحلتين كذلك:
المرحلة الإستراتيجية والمرحلة العملية التكتيكية.
إن التسويق الاستراتيجي يهدف إلى معرفة حاجات السوق وإلى تحديد مهمة المؤسسة وتعريف رسالتها وتحليل حافظة أنشطتها
وتوجيه تلك الأنشطة إلى الفرص الجذابة والأسواق المغربة، إن هذه المرحلة لها آثار على المدى الطويل
وعلى النقيض من ذلك فإن التسويق العملي يخص الأنشطة التسويقية على المدى القصير والمتوسط فهو يتعرض إذن لكل ما يتعلق بالمزيج والسياسات التسويقية
مع تحيات موقع المعهد