التصويت على الميزانية و تنفيذها
التصويت على الميزانية العمومية
بعد إيداع مشـروع قانـون المالـية للسنة يبدأ النـواب في مناقـشة حيث تنتهي هذه المناقشة بالتصويت على هذا القانون، يكون التصويت على إيرادات الميزانية إجمالي أما النفقات فبعضها يصوت عليها بالتفصيل و بعضها الأخر يصوت عليها إجمالا، هذه الأخيرة تتمثل فيما يلي:
– نفقات التسيير الموزعة حسب كل دائرة وزارية.
– نفقات المخطط السنوي ذات الطابع النهائي الموزعة حسب كل قطاع.
– رخص تمويل الاستثمارات المخططة حسب كل قطاع.
– الحد الأقصى للنفقات المرخص بها حسب الشروط المحـددة بموجب قانون المالية بالنسبة لكل صنف من أصناف الحسابات الخاصة بالخزينة.(1)
تنفيذ الميزانية العمومية
بعد صدور قانون المـالية و نشره في الجريدة الرسمـية يشرع في إصدار المراسيم التوزيعية حسـب كل دائرة وزارية يبـدأ في تنفـيذ الميـزانية عن طريق تحصـيل الإيرادات و دفع النفقات حيث تصرف هذه الأخيرة في حدود الاعتمادات المفتوحة أو المفوضة حسب كل فصل مادة.
يتم تنفيذ النفقات عبر عدة طرق وعدة مراحل و ذلك حسب ما يلي:
1- الطريق العادي لتنفيذ النفقات يتم على مرحلتين الأولى إدارية يقوم بها الآمر بالصرف وتتكون من الالتزام التصفية و الأمر بالدفع و الثانية محاسبية يقوم بها المحاسب العمومي و تتكون من التحقيق و الدفع.
2- الطريق الاستثنائي الذي يتمثل أولا في النفقات المسددة بدون أمر بالصرف مسبق و هنا حوالة الدفع تأتي بعد دفع النفقة (الالتزام التصفية و الأمر بالدفع يأتون بعد تسديد النفقة من طرف المحاسب) و ثانيا في النفقات المسددة بدون أمر بالصرف حيث لا وجود لحوالة الدفع هنا إذ يقوم المحاسب العمومي بتسديد هذه النفقات بناء على بيانات فقط.
بالنسبة للإيرادات العمومية فهي تحصل عبر عدة طرق و عدة مراحل و ذلك حسب ما يلي:
1- الطريق العادي لتحصيل الإيرادات يتم على مرحلتين الأولى إدارية يقوم بها الآمر بالصرف و تتكون من الإثبات، التصفية و الأمر بالتحصيل و الثانية محاسبية يقوم بها المحاسب العمومي و تتكون من التحقق و محاولة التحصيل.
2- الطريق الاستثنائي الذي يتمثل أولا في تحصيل الإيراد و بعد ذلك يتم إصدار سند التحصيل للتسوية.
الفرع الأول: قاعدة السنوية
تقضي المادة 03 من القانون 90/21 بأن قانون المالية للسنة “يقدر و يرخص للسنة المدنية بمجموع الإيرادات و النفقات….” و هكذا ترسم الميزانية لمدة سنة فالتوقعات تكون في حدود السنة و الرخصة تكون صالحة لمدة سنة و كذلك التنفيذ.
تدعم هذا المبدأ بجملة من المبررات و الأسس الجدية الشيء الذي جعله يعتمد من طرف أغلبية الدول إذ يمكن من مراقبة دورية و منتظمة لنشاط الحكومة من طرف النواب مما يجعل هذه الرقابة ذات نجاعة و فعالية و في نفس الوقت غير معرقلة للهيئات التنفيذية.
ثم إن سنوية الميزانية تنسجم مع وتيرة الحياة الاقتصادية، فالزراعة عموما وتيرتها سنوية كما أن المؤسسات تنظم عمليات التجارية أو الصناعية على مدار سنة بالإضافة أن هذا المبدأ يسمح للإدارة المالية و الإدارات الأخرى بإنجاز عمالياتها المالية خلال مدة معقولة و ملائمة فلاهي بالقصيرة فتدفع إلى الاستعجال و التنفيذ الشكلي و لاهي بالطويلة فتقود إلى الإهمال و الاتكال([1]).
الفرع الثاني:مدلول القاعدة
لهذه القاعدة مدلول مزدوج ذلك أن الميزانية يصوت عليها كل سنة و الرخصة الناشئة عـن التصويت تكون لمـدة سنة و التـنـفيذ يسـتغرق سنة.
أولا: التصويت السنوي
التصـويت السـنوي لا يعني بالضرورة أن يتم ذلك في مطلع السنة الميلادية (أول جانفي) فقد يكون غير ذلك، في الجزائر تتوافق بداية السنة المالية مع بداية السنة الميلادية، في بريطانيا، أستراليا و السويد تبدأ من أول أفريل إلى غاية 31 مارس أما في الولايات المتحدة الأمريكية تبدأ من أول جويلية إلى غاية 30 جوان (ذلك أن الرئيس و المجلس في الولايات المتحدة ينتخبان في شهر نوفمبر و يشرعان في مباشرة مهامهما في شهر جانفي فلا يتمكنان من ترجمة اختياراتهما السياسية في صورة أحكام مالية).
ثانيا: التنفيذ السنوي
تنفيذ الميزانية خلال مدة سنة مما يعني أن الحكومة تلتزم بإنفاق مبالغ الإعتمادات المسجلة في الميزانية و تحصيل الإيرادات التي تغطـيها في فترة زمنية تقدر بسنة (سنة مالية)، فإذا تم الالتزام من طرف الإدارة بالإنفاق و صرفت المبالغ الملتزم بها فعلا خلال نفس السنة أو لم تلتزم بها إطلاقا فلا يثور أي مشكل([2]).
غير أن الإشكال يطرح عندما تلتزم الإدارة اتجاه الغير بدفع مبلغ معين و لكنها لم تصرف ذلك المبلغ خلال السنة المالية أي أن السنة المالية انتهت و لم يصرف المبلغ المالي الملتزم به فهل يدرج هذا المبلغ ضمن حساب السنة المنقضية (سنة الالتزام) أما ضمن حساب السنة التي يدفع فيها (سند التسديد)؟.
توجد طريقتين لحل هذا الإشكال.
أ- طريقة التسيير:
هذه الطريقة تعتمد على النفقات المرتبطة بالميزانية التي تم دفعها فعلا دون النظر أو الاعتداد بتاريخ الالتزام و هي تنظر إلى الميزانية باعتبارها حساب الخزينة فتسجيل العمليات المدفوعة أو المحصلة فعلا. أما الالتزامات التي لم تدفع و الحقوق التي لم تحصل فيتعين نقلها إلى السنة الموالية تمتاز هذه الطريقة بكونها تمكن من الإسراع في غلق الحسابات و سهولة وضع الحساب الختامي و كذا استخلاص النتيجة.
أما عيبها فيكمن في عدم إظهار المركز المالي الحقيقي للدولة مادامت لم تدفع و غير واردة في الميزانية النهائي.
ب-طريقة التمرين:
في هذه الطريقة يعد الحساب النهائي لتنفيذ الميزانية على أساس المبالغ التي التزمت الإدارة بدفعها و لو لم تدفع فعلا خلال السنة المالية و أيضا المبالغ التي نشأ الحق في تحصيلها حتى و لو لم تحصل فعلا السنة المالية. تنظر هذه الطريقة إلى الميزانية باعتبارهاحسابالإدارة.وتمتاز بكونها تظهر المركز المالي الحقيقي للدولة كما أنها تسمح بتمديد تنفيذ الميزانية (السنة المالية) إلى بضعة أشهر غير أنها تجعل العماليات المالية تتأخر و لا تسمح بوضع الميزانية النهائية في أجله([3]).
الفرع الثالث: الاستثناءات الواردة على هذه القاعدة
رغم ما تتميز به هذه القاعدة من مبررات و إيجابيات فقد تعرضت جملة من الانتقادات من طرف رجال السياسة و علماء المالية العمومية مما أدى إلى إدخال بعض التعديلات ووضع بعض الاستثناءات على هذ القاعدة و التي تتمثل فيما يلي:
أولا: الميزانية الشهرية المؤقتة
عندما تطول مناقشة الميزانية و لا يتم التصويت عليها قبل 31 ديسمبر يلجأ إلى اعتماد حل يتمثل في منح البرلمان رخص شهرية للحكومة من أجل تنفيذ جزئي للنفقات يتمثل في 12/1 من نفقات السنة المالية السابقة و أحيانا من النفقات المسجلة في مشروع الميزانية للسنة المقبلة حسب طلب الحكومة([4]).
الميزانية الإثنى عشرية نصت عليها المادة 69 من قانون 84/17 و التي تنص على أنه “في حالة ما إذا كان تاريخ المصادقة على قانون المالية للسنة المعنية لا يسمح بتطبيق أحكام عند تاريخ 01 جانفي السنة المالية المعتبرة يواصل مؤقتا تنفذ إيرادات و نفقات الميزانية العامة للدولة حسب الشروط التالية:
– بالنسبة الإيرادات طبقا للشروط و النسب و كيـفـيات التحصيل المعمول بـها في قانون المالية السابق.
– بالنسبة لنفقات التسيير في حدود 12/1 من مبلغ الاعتمادات المفتوحة في الميزانية المتعلقة بالسنة المالية السابقة و ذلك شهريا و لمدة 3 أشهر.
– بالنسبة لإعتمادات الاستثمار في حدود ربع الحصة المالية المخصصة لكل قطاع ز كل مسير كما تنتج.
– عن توزيع اعتمادات الدفع المتعلق بالمخطط السنوي للسنة المالية السابقة.
كما يواصل تنفيذ الأحكام المالية المطبقة على الحسابات الخاصة بالخزينة قبل بداية السنة المالية الجديدة للميزانية. إن الميزانية الإثني عشرية تتضمن جملة من العيوب و إن كان الهدف منها الحفاظ على السير الحسن للمرافق العمومية من هذه العيوب كونها تتعارض مع مفهوم الميزانية المرتكز على التنبؤ حيث يتم التسيير في فترة قصيرة لا مجال للتنبؤ فيها كما أن في إتباعها إرهاقا للإدارة المالية.
ثانيا: رخص البرامج
يتمثل الاستثناء الثاني الدخل على قاعدة السنوية في رخص البرامج، ذلك أن المشاريع الاستثمارية و المشاريع الكبرى يتطلب إنجازها عدة سنوات بينما الميزانية تنفذ خلال سنة و بهذا فلا يتمكن صاحب المشروع من دفع المبلغ الإجمالي لأن هذا الأخير لا يتقرر إلا عند الانتهاء من الأشغال (الخدمة المؤداة).
لتفـادي مثل هذا الإشـكال ابتدع ما يسـمى رخص البرامج، فرخصة البرنامج يسجل فيها مجموع المبالغ المالية اللازمة لإنجاز المشروع أي هذه الرخصة تكون مسجلة في ميزانية السنة الأولى (الميزانية التي سجل فيها المشروع) في صورة اعتمادات تقديرية للآمر بالصرف المعني خلال السنوات القادمة بالإلزام اتجاه الغير و هو على علم بأنه سيحصل على الإعتمادات اللازمة.
و هكذا يتم تنفيذ رخصة البرنامج على امتداد عدة سنوات و ذلك بنقل المبالغ المالية المتبقية من سنة إلى أخرى بواسطة تقنية نقل الاعتماد إلى أن ينتهي المشروع و بالتالي يحتفظ بالانسجام المالي في مواجهة الغير مع الاحتفاظ في نفس الوقت جزئيا بقاعدة السنوية.
ثالثا: قوانين المالية المعدلة و المكملة
الميزانية عندما يصوت عليها تكون رخصة تنفيذها صالحة لمدة سنة و لكن فعليا بعض الميزانيات لها مدة أقل من سنة حيث يتم تعديلها بموجب قانون المالية المعدل و المكمل الذي يحمل في طياته ميزانية جديدة (ميزانية مكملة) فالميزانية السابقة رغم أنها وضعت و صوت عليا لتنفيذ خلال سنة إلا أنه فعليا نفذت في أقل من سنة أي ختى تاريخ تعديلها و خاصة إذا كان التعديل شبه كلي([5]).
([1]) المادة 03 من القانون 90/21 المؤرخ في 24 محرم 1411هـ الموافق لـ 15 أوت 1990 يتعلق بالمحاسبة العمومية.
([2])حامد عبد المجيد دراز. مرجع سابق. ص 137.
([3]) أحمد جامع. علم المالية العامة. دار النهضة، الطبعة 3، بيروت 1975، ص 335.
([4]) قانون 90/21، مرجع سابق.
([5])أحمد جامع. مرجع سابق. ص 335.